أما النوع الثاني فهو ما يحدث بين الغيمة وغيمة أخرى، وبما أن الوسط الذي تتجمع فيه الغيوم يمتلئ بالحقول الكهربائية فإن احتمال تلامس الشحنات المتعاكسة والتقائها كبير جداً، ولذلك فإن هذا النوع يمثل ثلاثة أرباع ضربات البرق، والتي تقدر كما قلنا بمئة ضربة في كل ثانية وذلك في مختلف أنحاء العالم. ويعرف هذا النوع ببرق "غيمة-غيمة" أي Cloud-Cloudويرمز له بالحرفين CC.
شكل (5) نرى فيه ومضات برق بين غيمة وأخرى CC، حيث تكون إحدى الغيمتين محملة بشحنات موجبة والأخرى محملة بشحنات سالبة، وعند اقتراب إحدى الغيمتين من الأخرى تصطدم هذه الشحنات المتعاكسة مولدة ومضات هائلة نراها على شكل برق.
أما النوع الثالث فهو ما يحدث بين الغيمة والهواء. حيث تكون الغيمة محمّلة بشحنة كهربائية، والهواء المحيط بها من أحد جوانبها يحمل شحنة معاكسة. ويعرف هذا النوع بـ "غيمة-هواء" أي Cloud-Airويرمز له بالرمز CA.
شكل (6) البرق الناتج بين غيمة وبين الهواء المحيط بها CA. تكون الغيمة عادة مشحونة في أعلاها بشحنات موجبة، ويكون الهواء المحيط بها مشحوناً بشكل سلبي، وبنفس العملية يحدث التلامس وينطلق شعاع البرق ليكمل الدارة الكهربائية بين الغيمة والهواء.
البرق من الفضاء
البرق بين الغيمة وطبقات الجو العليا، ويحدث هذا البرق بين الطبقات العليا في الغيوم وبين طبقة الأيونوسفير والتي تحوي حقلاً كهربائياً، وقد أمكن رؤية برق كهذا بواسطة أجهزة التصوير المثبتة على الأقمار الاصطناعية (5).
وهنالك أنواع أخرى كثيرة نذكر منها ما يحدث داخل الغيمة ذاتها، وإذا علمنا بأن أية غيمة تحمل شحنة موجبة في أحد طرفيها، فلا بد أن تحمل شحنة سالبة في طرفها المقابل، وهكذا وفي ظروف العواصف الرعدية يحدث التلامس ويتحقق البرق الذي يضيء الأرض ولكنه لا يصل إليها.
هنالك أيضاً البرق الناتج بين غيمة وهدف على الأرض، مثل شجرة أو بيت أو عمود كهرباء. وفي جميع هذه الأنواع تتم المراحل ذاتها، بنفس المرور والرجوع لشعاع البرق، وبنفس السرعة ونفس الزمن.
شكل (7) برق يضرب عمود كهرباء، وهذا أحد أنواع البرق، حيث إن البرق قد يضرب أي هدف على الأرض، أو في الجوّ، أو حتى في طبقات الغلاف الجوي، فسبحان الله!
كما أن العلماء يعددون أنواعاً لا يمكن إحصاؤها من البرق، مثل كرة البرق، والبرق الصيفي، وهو ما يحدث في أشهر الصيف، والبرق الموجب والبرق السالب، والبرق الصفائحي، وغير ذلك كثير(6). كما أن العلماء رصدوا ضربات برق على بعض الكواكب مثل المشتري وكانت أشد بمئة مرة من تلك الضربات على الأرض [2].
شكل ( البرق الصيفي في وسط النهار، وتظهر ومضة البرق من غيمة لأخرى CC .الغيوم الرعديةإن البرق لا يحدث في أية غيوم، بل هنالك غيوم محددة يسميها العلماء بالغيوم الرعدية، وهي البيئة المناسبة لحدوث البرق، وقد تكون هنالك غيمة واحدة أو عدة غيوم وهو الأغلب. وهذه الغيوم تكون عادة ممتلئة بالحقول الكهربائية بسبب الرياح التي تسوق جزيئات بخار الماء وتدفعه للأعلى وتسبب احتكاك هذه الجزيئات بعضها ببعض مما يولد هذه الحقول الكهربائية. فنجد أن الغيمة تتجمع فيها بنفس الوقت شحنات سالبة وأخرى موجبة، وغالباً ما ترتفع الشحنات الموجبة للأعلى وتبقى السالبة في أسفل الغيمة من الجهة القريبة من الأرض. شكل (9) غيمة رعدية مفردة، هذه الغيمة النموذجية ترتفع عن سطح الأرض 3 كيلو متر، ويبلغ طولها عدة كيلو مترات، وسمكها عدة كيلو مترات أيضاً، ونلاحظ الشحنة السالبة في قاعدة الغيمة والشحنة الموجبة في أعلاها. والقياسات التي تعتمدها مخابر الأرصاد هي من أجل غيمة كهذه لأنها تمثل الحالة المتوسطة والغالبة التي يتم فيها البرق.
شكل (10) الغيوم الرعدية المتعددة، في غيوم كهذه يحدث البرق وتحدث معه تغيرات الطقس وتدوم هذه الغيوم لعدة ساعات.
إن ضربات البرق ما هي إلا تفريغ للكهرباء الموجودة على الغيوم، فلذلك يعمل البرق كصمام أمان، لأن هذه الشحنات العملاقة إذا زادت كثيراً فإنها تؤدي إلى تكهرب الجو بكامله؛ تماماً مثل البطارية إذا ظللنا نشحنها فإنها ستنفجر في النهاية. فسبحان الله!
يتبع